المادة    
إن المقدمة الثانية هي مقدمة خطيرة، وجوابها مهم جداً، وهي: أن التصديق لا يكون إلا باللسان والقلب، فالإيمان كذلك، والعمل غير داخل فيه.
ويقول رحمه الله: (وأما المقدمة الثانية فيقال: إنه إذا فرض أنه مرادف للتصديق) أي: وسلمنا بالمقدمة الأولى جدلاً (فقولهم إن التصديق لا يكون إلا بالقلب واللسان) أي: وحدهما فقط (عنه جوابان: أحدهما: المنع) أي: أن ننفي ذلك ونقول: ليس صحيحاً أن التصديق لا يكون بالأعمال، بل يكون بالقلب والقول والعمل.
ثم يقول رحمه الله: (بل الأفعال تسمى تصديقاً، كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( العينان تزنيان وزناهما النظر، والأذنان تزنيان وزناهما السمع، واليد تزني وزناها البطش، والرجل تزني وزناها المشي، والقلب يتمنى ويشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) ) فقوله صلى الله عليه وسلم: ( والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) دليل ممن هو أفصح من نطق بالضاد لغة، ودليل من جهة الشرع؛ لأن رسول الله هو المبلغ عن الله وهو أعلم الناس بدين الله، وقد جعل العمل من التصديق.
وقال رحمه الله: (وكذلك قال أهل اللغة، وطوائف من السلف والخلف) أي أن هذا أقر به أهل اللغة أيضاً فيما نقلوه من كلام العرب، وأقر طوائف من السلف والخلف.
وقال رحمه الله: (قال الجوهري) والجوهري من أصدق وأوثق أهل اللغة؛ لأنه نشأ بين الأعراب فلم يتعلم اللغة تعلماً، وإنما عاش بين الأعراب الذين لم تفسد فطرتهم، ولم يختلطوا بالعجم، فأخذ اللغة عنهم مشافهة وتلقيناً.
(والصديق مثل الفسيق، أي: الدائم التصديق، ويكون الذي يصدق قوله بالعمل) أي: فكلما قال قولاً صدقه بالعمل، فلا بد أن ينال درجة الصديقية؛ لأن أكثر الخلق كما هو مشاهد وعملهم دون قولهم بدرجات ومراتب متفاوتة، أما الذي لا يقول قولاً إلا عمله فصدق قوله عمله، فهذا هو الصديق في اللغة، وكذلك في الشرع فإن الصديق هو الذي يفي بما التزم به من ذكر وعبادة وعهد مع الله تبارك وتعالى. ‏
  1. مداخل الشيطان

  2. دلائل ومستلزمات التصديق عند السلف

  3. بدعة الامتحان في العقائد

  4. أساسيات الدين

  5. ترابط القول والعمل والنية